الجمعة، 28 أبريل 2017

مقطع من رقصات الفرح / بقلم/ عبدو بليبل


كنت وبالأمس القريب، أجوب في أحد الحقول النائية. حيث أدواح الشجر تتعانق في ألفة ومحبة، ثم تشمخ برقة نحو السماء، كأنها تريد اللحاق بالكواكب، لتجول مبتعدة في عالم الحقيقة والنور.

جلست على صخرة ذهبية، منفرداً...

أقرأ الصور كلمات حب وافتتان، أستوحي من اللاشيء صوراً وحقائق، أرسم في مخيلتي لوحة أفكار مبهمة، هي أفكار تنبثق من عالمها الخفي خطوط رؤية. جميلة الملامح، جلية الوضوح. فتخترق كانبعاث ضوء جسد الطبيعة اللامرئي، وتعانق الواقع المكتوب. ثم تهمس فوق الماء، بإيحاءات مختلفة. وتتحرك كالنسائم، لتداعب زرقة البحيرة الهادئة قبالتي.

هناك تحت ازرقاق السماء، تتلألأ خيوط الشمس كأرواح، ذات أمواج نقية...
وبالقرب مني أزهار رائعة، تعلو بحنان، تتلو آيات المحبة، وتنثر الرياحين مع الهواء، في أعماق النفس التائقة لكأس من عطر الحياة، ليروي ظمأها...

وبينما أنا جالس أتأمل بعمق، مأخوذاً بروعة المكان، إذا بي أسمع غناءً وأهازيج من الحب والفرح. وأرى بعيني خيالات أجنحة، تحوم بجلال وحنو فوق البحيرة الغافية، وفي نومها الهادئ أحلام حياة، تخترق جدار النوم لتلامس أطراف الحقيقة.
فوقفت! لأرى ما لا يرى!
وبي ذهول واستغراب!
وبي حيرة وارتباك!

ولكن!... هناك فوق البحيرة، نغمة سرت في اعماقي، فرسمت صورها الجميلة أفكاراً وهواجس أفكار، ولوحات في الأعماق، نسجت من روح بعيدة بعيدة.

لوحات بدايتها الحياة، ونهايتها الحياة...
حتى اقتربت مني زهرتان، واحدة بيضاء واخرى حمراء، وقالتا بصوت واحد:
إن ما تراه هو حقيقة لا خيال!. أنظر وتأمل! هي الأرواح ترقص بفرح، هو عالمها الذي لا تراه!
هو عالمها الأثيري البديع، الذي لا حدود له. بالأمس القريب كانت هنا، لكنها كانت مثقلة بالقيود، تمشي الخطى ببطء. تخنقها التقاليد الميتة والمستيقظة في آن. كانت تحيا في وباء البشر، المستشري موتاً في العروق، المفروض لعنة بلغة الابتداع. كانت تجر الماضي سوطاً تقبله مع أنه يجرح شفتيها الطريتين.

كانت تعبد الحاكم والحاقد وكل جائر مستبد، وكل متجبر متسلط، وتمشي في طريقها الضيق. عليلة لا ترى آثام هؤلاء وأمراضهم، حتى لو جلست في الصباح، ترمق شرورهم تحت أشعة الشمس، وهي تشرق ساطعة من وراء الجبال.
هي مضت من عالم الأحجام والأشكال، من عام الخصم والعدو والصديق، من عالم الأيام والليالي.
ذهبت إلى الضوء والسطوع، إلى........

مقطع من رقصات الفرح

عبدو بليبل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق