قصة واقعية
في صيف1978 التقينا في تونس،و ثلاثتنا من
الجزائر،من سلك التعليم البارد الذي لا تسري فيه كهرباء،فقررنا السفر إلى ليبيا
انطلاقا من عاصمة الخضراء.قطعنا كثيرا من المسافة؛مرة بالقطار،وأخرى بالحافلة.
السفر قطعة من الجحيم كما يقال،حتى إذا وصلنا إلى مدينة مدنين التونسية حدثت المفاجعة!
#المفاجعة:كلمة منحوتة من كلمتين هما:فاجعة+مفاجأة،والنحت درس ذو أهمية في لغة الضاد؛إذ يجعلنا كالنحاتين يصنعون أشياء جميلة جديدة من أصول قديمة موجودة.
وقفت الحافلة في مدنين...نزل صديقاي ولم أنزل أنا!
مشت الحافلة بضع كيلومترات،انتبهت وكنت في مؤخرة الحافلة التي يسميها التونسيون[التونزيان]بلغة المستدمر الفرنسي TUNISIENNEو هي صفة منسوبة ل(تونس(
لم أجد أحدا منهما وكانت بعض أمتعتي في الحقيبة معهما!
كنت شابا لم أتجاوز حينها العشرين!
تملكني رعب وشعور عميق بالغربة!
راكبو الحافلة أحسوا بالمفاجعة فبادروا يستفسرون!
طمأنوني ألا خوف علي ولا حزن؛فستصل الحافلة إلى مدينة جرجيس وقبل دخولها أنزل في المنعطف في الوقت الذي ستصل فيه حافلة متوجهة إلى الحدود التونسية الليبية!
اطمأن قلبي لا سيما أن جواز السفر معي
وفيه ورقة نقدية ب200فرنك فرنسي!
نزلت فقلبت وجهي في السماء هنا وهناك وأنا أغني:
ناري على جرجيس وبناويت
...
وهذه أغنية كنت سمعتها مرات حتى حفظت بداياتها خاصة أني كنت مغرما بالغناء والموسيقا.
وصلت الحافلة فركبت.
كانت عيون الركاب متوجهة نحوي تتفحصني مليا فازددت غربة وبخاصة أن أصحابها بدويون سمر والفقر يبدو على وجوههم وفي أثوابهم،وكانت الحافلة كأنها عربة انفصلت عن قطار أفلام الويسترن من عهد كلينت إيستوود،تسير بفحم الكوك،ونوافذها مكسور أغلبها،وصبغتها تقشرت من أثر الحرارة،وزوابع الرمال التي تلفحها من الخريف إلى المصيف!
كان الوقت قد تجاوز الأصيل صيفا حتى إذا وصلنا مركز الحدود التونسية في بن قردان اطمأنت نفسي قليلا؛فإني واجد صاحبي ينتظراني.
أشرت جواز السفر،بحثت ذات اليمين و ذات الشمال فلا أثر،قلت في نفسي:لعلي أجدهما في مركز الحدود الليبية التي وصلتها بعد حوالى نصف ساعة بحافلة صغيرة تنقل السياح ما بين الحدودين!
لكني لم أر أحدا أمام مركز الشرطة!
دخلت فإذا شرطيان يستقبلاني بحرارة سيما وأن الرئيس بومدين رحمه الله دخل ليبيا في ذلك اليوم
نزلت فقلبت وجهي في السماء هنا وهناك وأنا أغني:
ناري على جرجيس وبناويت
...
وهذه أغنية كنت سمعتها مرات حتى حفظت بداياتها خاصة أني كنت مغرما بالغناء والموسيقا.
وصلت الحافلة فركبت.
كانت عيون الركاب متوجهة نحوي تتفحصني مليا فازددت غربة وبخاصة أن أصحابها بدويون سمر والفقر يبدو على وجوههم وفي أثوابهم،وكانت الحافلة كأنها عربة انفصلت عن قطار أفلام الويسترن من عهد كلينت إيستوود،تسير بفحم الكوك،ونوافذها مكسور أغلبها،وصبغتها تقشرت من أثر الحرارة،وزوابع الرمال التي تلفحها من الخريف إلى المصيف!
كان الوقت قد تجاوز الأصيل صيفا حتى إذا وصلنا مركز الحدود التونسية في بن قردان اطمأنت نفسي قليلا؛فإني واجد صاحبي ينتظراني.
أشرت جواز السفر،بحثت ذات اليمين و ذات الشمال فلا أثر،قلت في نفسي:لعلي أجدهما في مركز الحدود الليبية التي وصلتها بعد حوالى نصف ساعة بحافلة صغيرة تنقل السياح ما بين الحدودين!
لكني لم أر أحدا أمام مركز الشرطة!
دخلت فإذا شرطيان يستقبلاني بحرارة سيما وأن الرئيس بومدين رحمه الله دخل ليبيا في ذلك اليوم
شربت شايا،و أشّرت الجواز فسألت أحدهما:
لو سمحت تأكد لي عن صديقي
لو سمحت تأكد لي عن صديقي
/////////////////////////////////////////
#مفاجعة_الرحلة! ج(2)و
الأخير
صباحا خرجنا للمدينة في شوق للتجوال والنظر؛فبدأنا بشارع المجوهرات حيث الصفرة والبياض،والسياح في سيلين من الاتجاه المعاكس!
كنت مع الرفيق المتقاعد في إقبال وإدبار بلا مساس،فقد نقصت الحيلة جيبينا الفقيرين!
ثم طفقنا نتجول في شوارع العاصمة؛شوارع واسعة في ميمنتها كميسرتها حوانيت و مقاه،وبنيانها بدا لي كالقصور لا هي ذاهبة في السماء ولا هي أقرب إلى الأرض،نظيفة بيضاء تسر الناظرين!
اكتفيت بشراء مسدس لمحته في واجهة لمتجر ضخم فيه مغريات كثيرة!
ثم قررنا العودة للعاصمة التونسية!
و منها فارقت رفيقي المتقاعد إلى العالية في ريف من أرياف معتمدية الكريب بولاية سليانة حيث أرض الجدود!
جدودي كانوا قد هاجروا من الجزائر في عهد الأمير عبد القادر!
في العالية التقيت بمحمد علي فاحتضنني كأنه يعتذر عن عدم انتظاري في الحدود والسؤال عما إذا كنت سبقتهما أم سبقاني فأمسكت برأسه أجره فيقول:يا بن عمي لا تأخذ برأسي ولا تشمت بي الأهل!
وأما(حسان معروف)فبقي لغزا أبديا لا أعلم عنه شيئا حتى الآن!
صباحا خرجنا للمدينة في شوق للتجوال والنظر؛فبدأنا بشارع المجوهرات حيث الصفرة والبياض،والسياح في سيلين من الاتجاه المعاكس!
كنت مع الرفيق المتقاعد في إقبال وإدبار بلا مساس،فقد نقصت الحيلة جيبينا الفقيرين!
ثم طفقنا نتجول في شوارع العاصمة؛شوارع واسعة في ميمنتها كميسرتها حوانيت و مقاه،وبنيانها بدا لي كالقصور لا هي ذاهبة في السماء ولا هي أقرب إلى الأرض،نظيفة بيضاء تسر الناظرين!
اكتفيت بشراء مسدس لمحته في واجهة لمتجر ضخم فيه مغريات كثيرة!
ثم قررنا العودة للعاصمة التونسية!
و منها فارقت رفيقي المتقاعد إلى العالية في ريف من أرياف معتمدية الكريب بولاية سليانة حيث أرض الجدود!
جدودي كانوا قد هاجروا من الجزائر في عهد الأمير عبد القادر!
في العالية التقيت بمحمد علي فاحتضنني كأنه يعتذر عن عدم انتظاري في الحدود والسؤال عما إذا كنت سبقتهما أم سبقاني فأمسكت برأسه أجره فيقول:يا بن عمي لا تأخذ برأسي ولا تشمت بي الأهل!
وأما(حسان معروف)فبقي لغزا أبديا لا أعلم عنه شيئا حتى الآن!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق